التنوع الاحيائي في البيئة
التنوع الاحيائي في البيئة
هو وجود مدى واسع من الأنواع المختلفة في الجنس والنوع من الكائنات الحية، الموجودة أصلاً بصورة طبيعية في بيئة واحدة، لتضم بذلك هذه البيئة النباتات بمختلف أنواعها وأحجامها وأشكالها، وتضم أيضاً الكائنات الحيّة الحيوانية الفقارية كالحيوانات الثديية والطيور، والكائنات الحيّة اللافقارية كالديدان والحشرات، وتضم كذلك الكائنات الحيّة الدقيقة المجهرية كالبكتريا والفطريات والطحالب وغيره.
لقد دلت نتائج الدراسات والأبحاث البيئية أن انقراض نوع واحد من الأنواع الحيّة التي توجد في أي منطقة من المناطق على الكرة الأرضية يؤدي إلى تفكيك مكونات النسيج الأحيائي البيئي وخلخلته وإلقائه على حافة المجهول، ولا يقتصر أمر هذا الضرر على المنطقة التي يحدث فيها خلل التوازن البيئي فقط، وإنما ينتقل هذا الضرر إلى المناطق الأخرى المجاورة.
إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد خلق كل شيء في أرجاء الكون بقدر موزون، فكل شيء أوجده الله سبحانه وتعالى على هذه الأرض أو أوجده في الكون كله يخضع لعملية التوازن الطبيعي، وله وظيفة ومهمة يؤديها ويقوم بها في البيئة، ومن أجل أن تسير أمور الحياة بشكلٍ متناسق موزون، فقد جعل الله ـ سبحانه وتعالى ـ في هذا الوجود الآلية الطبيعية الذاتية التي تقوم بعملية التوازن الطبيعي، بحيث لا يطغى مخلوق على مخلوق آخر إلاّ بما قدره الله سبحانه وتعالى. ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة بوضوح في آيات قرآنية عديدة.
ومن هنا نرى أن جميع الكائنات الحيّة النباتية والحيوانية والكائنات الحيّة الدقيقة بمختلف أشكالها وأنواعها وأحجامها لها دور مهم عظيم في البيئة، إذ إنها تتفاعل مع بعضها البعض تفاعلاً معقداً دقيقاً موزوناً، غير أن الإنسان ربما تدخل بشكل مباشر عن طريق نشاطاته المختلفة، وعمل على تغيير التوازن الطبيعي الذي أوجده الله ـ سبحانه وتعالى ـ في البيئة من أجل صالحه، وجميع الكائنات الحيوانية التي أوجدها الله في الأرض إنما هي وجدت من أجل المنفعة والمصلحة، وكلنا نعلم الدور الذي تقوم به الحيوانات، فهي على سبيل المثال إضافة إلى كونها من مصادر الغذاء للإنسان بشكل مباشر وغير مباشر، فهي أيضاً تلعب دوراً مهماً في النظام البيئي، وتساهم في المحافظة على بقاء مكونات البيئة الحيّة. لذا فإن عمل الإنسان بقصدٍ أو من غير قصد على الإخلال بهذا التوازن الطبيعي، وتسبب في انقراض أو نقص أو تزايد أعداد كائن حي ما يعيش في بيئة معينة، فهو بذلك يكون قد أثر على وجود الكائنات الحية الأخرى في هذه المنطقة، وتتأثر بذلك حياة الإنسان بشكلٍ مباشر وغير مباشر.
ولنضرب مثالاً يوضح لنا كيف يؤثر الخلل بالتنوع الأحيائي على البيئة وحياة الإنسان، فكلنا نعرف الأرنب، ذلك الحيوان الصغير الجميل الذي نربيه في مزارعنا. هناك أنواع منه برية تعيش في بعض الغابات، ومعروف للجميع أن هذه الأرانب تتغذى على الأعشاب والنباتات الصغيرة وجذورها، وتتكاثر هذه الحيوانات بسرعة، وبالرغم من ذلك تظل أعدادها في المدى الطبيعي الذي لا يؤثر في البيئة ويفسدها، لأن هذه الأعداد تخضع لعوامل التوازن البيئي الطبيعي الذي أوجده الله ـ سبحانه وتعالى ـ في البيئة، فوجود الحيوانات المفترسة التي تفترسها وتتغذى عليها، يحول دون تزايد أعداد الأرانب في البيئة إلى أعداد كبيرة تأكل الأخضر واليابس، وغياب أو نقص الحيوانات المفترسة يؤدي إلى تكاثر الأرانب في الغابات فتقضي على الكساء الخضري، فتتأثر حياة جميع الكائنات الحيّة الحيوانية والنباتية الدقيقة، وتختفي أو يقل وجودها في هذه الغابات، ويخسر بذلك الإنسان اقتصادياً، حيث يتعرض لخسارات مادية عظيمة، ويفقد عناصر كثيرة من العناصر التي يستخدمها في حياته اليومية لغذائه وكسائه وسكنه، ومستلزمات مصانعه.
ولا يقتصر الضرر والأذى الذي يواجهه الإنسان من التأثير على التنوع الأحيائي المتعلّق بعالم الحيوانات وحسب، وإنما يشمل ذلك أيضاً التأثير على التنوع الأحيائي في عالم النباتات، فعلى سبيل المثال كلنا نعرف أن الغابات لا تحتوي على جنس واحد أو نوع واحد من النباتات، وإنما تحتوي على أجناس وأنواع عديدة جداً من النباتات المختلفة والمتنوعة، وهذا النظام البديع المكوَّن من هذه النباتات المتنوعة له دور عجيب في حماية الغابات.
ومن هنا يبزر لنا شيء من أهمية وجود أنواع مختلفة ومتنوعة من الكائنات الحيّة التي خلقها الله ـ سبحانه وتعالى ـ في بيئاتنا الطبيعية، إذ سبق أن ذكرنا أن إنقاذ التنوع الأحيائي من الاضطراب والخلل، هو في الأصل حماية لحياة الإنسان، فانقراض نوع واحد من الكائنات الحيّة في بيئة ما، قد يعني خراباً ودماراً يحصل في البيئة ذاتها وفيما جاورها من بيئات أخرى، فكل هذه الكائنات ترتبط بسلسلة من التفاعلات المتصلة، ومتى انقطع جزء من السلسلة، سبَّبَ ذلك خللٌ في سلسلة التفاعلات، ونتج عن ذلك خسارات عالمية اقتصادية وصناعية وجمالية.
إذاً فتنوع النباتات في البيئة وفي المزارع والبساتين، يحقق فوائد مختلفة. ومن أهم هذه الفوائد ما يلي:
استمرارية و ديمومة النفع و العطاء
تنوع النباتات يفيد في حماية الزرع من الافت
العمل على زيادة خصوبة التربة
الحماية من الرياح و العواصف و تعرية التربة
تنوع النباتات يوفر ماوى ومسكنا يلائم تنوع الكائنات الحية .
|