الموضوع
:
ذكربات هناك
عرض مشاركة واحدة
07-09-2008, 09:14 AM
#
13
د.خالد الرفاعي
هاوي
بكل بساطة كان يجب أن أسافر (3)
بكل بساطة كان يجب أن أسافر (3)
لكل هذه الأسباب الظاهرة الواضحة و ربما لغيرها مما خفي عني لحكمة إلهية قد غابت عني كان يجب علي أن أسافر !!!
مرة جديدة أرحب بك أيها العزيز ضيفا على ذكرياتي المتواضعة و أرى أني قد أثقلت رأسك في المرة السابقة و استخدمت العديد من الرموز و المصطلحات مما جعلك تصاب بالدوار فاعذرني على هذا و أنا كفيل بإماطة اللثام عن كل ما أبهم في المرة السابقة قبل أن ندخل في التفاصيل الجديدة .
الحقيقة يا أخي أنني مررت بمرحلتين في فترة الدراسة الجامعية المرحلة الأولى كانت مرحلة الضياع الفكري و التشتت بين ما يصدره لنا الغرب من تجربته الخاصة التي جعلته يتقدم في شتى ميداين الحياةالبشرية و إن كان قد انحدر في مجال القيم و الأخلاق إلى مرتبة البهائم و في المقابل معلوماتي الضئيلة حول ديني و التي لا تتعدى بعض القراءات البسيطة و التي يغلب عليها السطحية الشديدة في تناول قضايا الإسلام الكبرى . ثم فجأة حدث في الإجازة الصيفية و بعد مرور ثلاث سنوات من بدء الدراسة الجامعية أن أبصرت النور و كما ذكرت فإن هذه الذكريات التي أخطها سوف تتحدث عن فترة عملي خارج مصر فلا داعي لإطالة النفس في أحداث التزامي و عودتي إلا طريق الحق غاية ما هناك أني أبصرت الطريق فإذا الله سبحانه و تعالى قد مهده لنا تمهيدا و يسره لنا و إذا هو طريق العزة و المجد و الشرف لمن أراد أن يتبوأ تلك المكانة السامقة لكن .......... في المقابل هو طريق التضحيات و البذل الذي لا حدود له و قد كان الأمر سهل يسير في مرحلة الدراسة فلا أنا ملزم بنفقة و لا أنواء الحياة و تقلباتها تشغلني لكن بعد التخرج وجدت أن الأمر أكبر من ذلك فرؤيتي و أفكاري الخاصة حول الحياة تصطدم مع الواقع فإن البذل و التضحية و كل المعاني النبيلة التي عشتها قد يكون ثمن السعي وراءها هو خسارة الدنيا بكل ما تحمله الكلمة و في المقابل فإن الدنيا أيها الحبيب لم تكن مقبلة بهذه الصورة خاصة مع شاب ملتحي مثلي فأنت تعرف كم التضييق الذي يواجههالشاب عامة للحصول على عمل كريم فما بالك بأمثالي ثم أنني عملت فترة في مجال لا أحبه مما جعلني أبتعد كثيرا عن أحلامي السابقة التي كنت أصبو إليها فأصبحت أنكر نفسي التي بين جوانحي فليست هي تلك الصورة الوضاءة التي عرفتها في الجامعة في مرحلة التزامي و بينما أنا في تلك الحالة حدثت مفاجأة سارة .
قابلت أحد أصدقائي و سوف أرمز له ب (
ت.ر
) و كان يقضي فترة الخدمة في الجيش فشكوت له حالي فقال لي أن أحد شركات الأدوية الكبرى لا تمانع في وجود ملتحين بين جنابتها و لا يمكنك أبدا يا صديقي القارئ أن تتخيل مدى سعادتي بهذا الأمر فبحثت عن الطريقة المثلى للتعرف على مدير مكتب المدينة التي أعيش بها فكانت مفاجأة أسعد حيث أن أحد الدعاة الشباب و هو صديق لي يعرف هذا الرجل معرفة جيدة حيث أنه كان زميله في المرحلة الدراسية, فكلمه بشأني و مرت الأحداث سريعا و وجدت نفسي أحمل الحقيبة و أخوض هذا المضمار الذي أحبه فإذا بهمتي تعلو مرة أخرى فعدت لممارسة أنشطتي الدعوية و زاد حبي لتلك الأعمال , و لن أنسى أبدا اليوم الذي تركت فيه عملي في الصيدلية و كأني حصلت على إفراج من سجن رهيب نعم كان مدير الصيدلية شخص لطيف و كانت الأمور جيدة لكني لم أتحمل تلك المهنة فقد شعرت و هذا رأي خاص أنها مهنة تقتل الإبداع فلا جديدفيها عمل رتيب يومي مكرر لا تقدم فيه و ليعذرني الأخوة الصيادلة على رأي هذا .
لكن تأتي الرياح بما لا يشتهي السفن. و سوف أذكر هنا في عجالة جانب من علاقتي بأبي الحبيب رحمه الله , يجب أن تعرف أيها الأخ الكريم أن أنني كنت أحب أبي للغاية و إن اختلفنا في كثير من الأشياء فقد كان رحمه الله عاطفي للغاية شديد الغضب يعشق مساعدة الآخرين و كان فيه الكثير من الصفات الحميدة ربما أبرزها هو حبه و تفانيه في تربية أولاده حتى قضى نحبه رحمه الله في سبيل هذاو سوف يأتي ذكر هذا لاحقا , و لم يعكر صفو تلك العلاقة إلا مسألة واحدة و هي إعفائي للحيتي فقد كانت سببا في صراع مرير طويل و كنت أشفق على أبي لأنه مريض بالقلب و في نفس الوقت لم أستطع أن استجب لطلبه في هذه المسألة و كان هذا الصراع أعنف من كل التصورات التي قد تدور بخلد القارئ الآن و كان هذا ينغص علي الدنيا بأكملها و يصيبني أيضا بإحباط و لقد أستمر هذا الصراع ثلاث سنوات كاملة مما جعلني أعجز عن الحركة لخدمة ديني و حتى مع العمل الجديد و بدايته المشرقة طفا هذا الصراع على سطح الأحداث مرة ثانية , وهنا ظهرت فكرة السفر للمرة الأولى.
لي خال يعمل منذ حوالي 25 عام في المملكة العربية السعودية كاستشاري جراحة و قد عمل في العديد من المستشفيات الكبرى و انتهى به المطاف في مستشفى الملك فهد التخصصي ببريده و هي عاصمة إمارة القصيم و سوف يكون هذا المكان هو محور الذكريات التي نحن بصددها . كان خالي في مصر لقضاء الإجازة الصيفية فسألته للمرة الأولى عن رؤيته الخاصة حول عمل الصيادلة في السعودية فلم يرحب خالي بفكرة العمل في الصيدليات الخاصة و رأى فيها شكل من أشكال الاستغلال فسألته عن عمل المستشفيات فرحب بهذا الأمر و مدحه لكن أشار إلى مسألة الخبرة التي تنقصني و طلب مني إعطاءه السيرة الذاتية و أنه سوف يقوم بمحاولة و يرد علي . بكل بساطة أيها الحبيب كان يجب أن أسافر لأسباب كثيرة منها أنني شعرت بأنني لا أحقق ذاتي لا في مجال العمل و لا على صعيد الالتزام و قد فكرت مليا في مسألة العمل في المستشفيات لأنها تعطي الكثير من وقت الفراغ الذي يمكن للإنسان إذا أحسن استغلاله أن يحقق الكثير مما يربو إليه أضف إلى هذا شهرة منطقة القصيم بالأجواء العلمية فهي موطن الشيخ السعدي و الشيخ ابن العثيمين وهي تعج بطلبة العلم , أضف إلى ذلك فرصتي لحج بيت لله الحرام و لا يمكن أبدا أن أغفل أحد أهم أسباب فكرة السفر و هو الصراع مع والدي و الذي كنت أحبه و أخشى عليه و كان رحمه الله يشعر أنني سوف أتعرض لمصيبة رهيبة في القريب العاجل .
عند عودة خالي إلى عمله أجرى العديد من المحاولات لاستقدامي و الحصول على عقد عمل مناسب لي في نفس المستشفى التي يعمل بها لكن باءت تلك المحاولات بالفشل لصغر مدة خبرتي و كان لدى مدير الصيدلية تحفظ على عمل المصريين لأسباب كثيرة سوف أذكرها لاحقا و كان قد مضى على محاولاته تلك ثلاثة شهور ثم فوجئت به يتصل بي ذات يوم ليخبرني أن مدير الصيدلية قد وافق لكن المشكلة أنه لا توجد فيزا صيدلي و مشاكل أخرى فنية لكني وافقت فقد كان الصراع الذي يدور بداخلي على أشده و قد أُضيف لكل هذا أنني تقدمت لخطبة أحد الفتيات عندما ظننت أني أوشكت على السفر و باء الأمر بالفشل و كانت غلطة رهيبة فلم تكن تصلح لي لا لعيب في دينها و لكن أسباب أخرى و أنا أحمد الله أن هذا الأمر لم يتم و الحمد لله على أشياء قد نكرهها في وقتها ثم نكتشف بعد ذلك أن فيها من الخير الكثير ما لا يمكننا أن نحصيه.
انتظرت أن يخبرني خالي بتفاصيل أكثر حول الموضوع لكن الأمر هدأ و عرفت أن تلك المحاولة باءت بالفشل أيضا لأسباب فنية و قد حمدت الله كثيرا بعد ذلك فقد كان هذا العقد فيه أضرار كثيرة كانت من الممكن أن تمنعني من إحضار والدتي لأداء الحج و كأنها قصة الخضر عليه السلام مع نبي الله موسى فالسفينة تُخرق و الطفل يُقتل و نحن نرى في هذا سوء و أمر لا يمكننا تقبله فإذا هي الرحمة و الخير كله و كما قلت الخريطة ليست دائما هي المنطقة . مرت عدة شهور و عاد خالي ليقضي بعض الأشياءالخاصة في مصر و في أحد الأيام رأى لي رؤية جميلة فلما استيقظ من النوم تحدث إليه مدير شئون الموظفين في الشركة المسئولة عن المستشفى و أخبره بأن الفيزا الخاصة بي توجد الآن في أحد مكاتب القاهرة و ما علي إلا التوجه للحصول عليها . و في اليوم المحدد ذهبت للمكتب للحصول على الفيزا الخاصة بي و أريد هنا أن أوجه عناية الكثير من الشباب أن بعض تلك المكاتب تمتهن النصب بأشكال مختلفة فقد كانت التأشيرة موجودة باسمي و لم تكن هناك أي حجة لدى المكتب لتعطيل أوراقي لكني شعرت بأمر غريب في نفسي منذ اللحظة الأولى لدخولي هذا المكتب فقد طلبوا مني أن أملي استمارة و هذا أمر مضحك فالتأشيرة موجودة فعلا لكني أجبت طلبهم و أنا أشعر بالغيظ ثم قالوا لي أن هناك مقابلة فأخبرتهم أن التأشيرة باسمي ثم من هذا الذي سوف يجري معي المقابلة ؟!, فوجدتها سيدة متبرجة فأشحت عنها بوجهي و جلست و أن متأفف لهذا النصب المباشر فلم يكن لتلك السيدة أي خلفية علمية أبدا و علمت أن المكتب يريد الحصول مني على مبلغ زائد من المال و هذا ليس حقهم فالتأشيرة باسمي فعلا و كان ظني صادقا فقد أخبرتني أنه لم يمر على تخرجي عامان فكيف أسافر فأخبرتها أن أوراقي في السعودية أصلا و هم أدرى منك فقالت لي لا تقلق سوف نحل لك تلك المشكلة !!!!!!!!
عدت إلى مدينتي و الغيظ يملأ قلبي و كان خالي قد عاد للسعودية و أخبرته بما جرى فطمأني و وعد بحل المشكلة . مرت عدة أسابيع دون أي أخبار جديدة و بينما أقود سيارتي ذات يوم جاءني اتصال من المكتب التقطت جهاز المحمول لأجيب المكالمة فسقط من يدي في انحنيت لالتقطه و عندما عدت مرة أخرى كان أمامي سيارة و كانت سرعتي عالية جدا دست على مكابح السيارة بكل ما أملك من قوة و أدرت مقود السيارة و .....
أعتقد أني لا أستطيع أن أكتب أكثر من هذا اليوم فإذا أردت أن تكمل معنا ما حدث فكن معنا المرة القادمة .
د.خالد الرفاعي
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع د.خالد الرفاعي المفضل
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة د.خالد الرفاعي