الموضوع
:
ذكربات هناك
عرض مشاركة واحدة
07-09-2008, 12:19 AM
#
8
د.خالد الرفاعي
هاوي
الخريطة و المنطقة و .... أشياء كثيرة !! (2)
الخريطة و المنطقة و .... أشياء كثيرة !! (2)
الخريطة ليست المنطقة أو إن الخريطة هي إدراكك بينما المنطقة هي الحياة ….. أطلق العالم الرياضي "
الفرد كورزبسكي
" هذا التعبير لوضع التأكيد على أن الإدراك غير الواقع بذلك تطرق كورزبسكي إلى نقطة أساسية ، إلا وهي أنه بتغير إدراكك لموقف ما، تتغير نظرتك للواقع من حولك. أي أنه هناك فارق كبير بين ما تراه و تظنه و بين الواقع من حولك. هل فهمت أيها الحبيب شئ مما سبق ؟؟؟!!!!!
مرحبا بك أيها العزيز مرة أخرى ضيفا كريما على ذلك الركام من الذكريات و أجو ألا يكون قد أصابك الضجر مبكرا فمازلنا في البداية و الأمر سوف يطول فأرجو أن تخرج بفائدة و ألا يضيع و قتك الثمين هباء و أنت تقرأ تلك الكلمات و أنت تحتملني فلقد صارت بيني و بينك علاقة حميمة فلا تمل مني و تحملني قليلا . كنا قد توقفنا في المرة الماضية عند خروجي إلى الواقع الحقيقي و بين ما اعتقده و ما هو قائم بالفعل من حولك باختصار شديد بين أحلامك و بين و تصورات و قيم المجتمع من حولك فالحقيقة أنها كانت مفاصلة تامة و كان لابد من العثور على حل لتجاوز تلك العقبة . أظن أن كلامي اليوم يبدو مبهما بداية بمسألة الخرائط و المناطق مرورا بالمفاصلة لكن كما قال الأولون إذا عرف السبب بطل العجب , الحقيقة أيها الشباب أن هذا التمهيد الذي أكتبه و قد يستغرق حلقة أخرى و ربما أكثر الغرض الرئيسي منه هو أن تعيش معي التجربة كاملة و أن تتنفس معي هذا لأجواء التي أحاطت بي قبل السفر وفتلك المرحلة سكون عامل أساسي في كل تصرفاتي و انفعالاتي أثناء فترة عملي خالاج البلاد التي أظنها كانت شيقة . للآسف أيها الشباب أننا نفتقد و بحق لبيئات تربوية و إرشادية تستطيع أن تشكل لدينا الوعي الكامل لمواجهة أنواء و تقلبات الحياة و لا يمكن أبدا إذا كنا منصفين إلا أن نقول أن الواقع من حولنا يعيش شكل من أشكال الجاهلية سواء كانت الثقافية أو الدينية أو الخلقية أو التعليمية و الخلاصة أنها جاهلية في كل شئ و المقصود بهذا اللفظ هي الجاهلية التي و صف بها الرسول صلى الله عليه و سلم الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري حين قال له (( إنك امرؤ فيك جاهلية )) المقصود أننا و حين ننظر للواقع الذي نشأنا فيه نجد أننا و منذ نعومة أظفارنا للآسف لم نتربى في أوساط إسلامية بما تحمله الكلمة من معنى بل الواقع أن العالم الآن إلا ما رحم الله يمضي حثيثا إلا هوة خلقية و عقدية واضحة لا ينكرها إلا معاند و قد انحطت الثقافة الغربية إلى الحضيض و تحولوا في عديد من ممارستهم اليومية إلى بهائم في طريقة تعاملهم مع شهواتهم . اعذرنب إن كنت قد أثقلت كاهلك أيها الكريم بما جعلتك تقرأه لكن حتى نستطيع أن نتغير يجب أن ندرك تماما كيف يدور العالم من حولنا أنني و قد عملت فترة من الزمن في حقل الدعوة الإسلامية و إن كانت تجربتي كانت قصيرة أشبه بطفل يتعلم كيف يحبو إلا أنها و لغرض لا يعلمه إلا الله كانت غنية للغاية فقد اقتربت كثيرا من مختلف الفصائل الإسلامية العاملة في حقل الدعوة الإسلامية و قد رأيت - و هو رأي خاص بالطبع – أن غالب تلك لفصائل و الجماعات إن لم تكن كلها تفتقد وجود المربي الحقيقي حتى وإن تناثر في كتب تلك الجماعات على اختلاف مشاربها الحديث حول وجود المربي و دور التربية الإسلامية في حركة البعث الإسلامي المأمولة, نعم هناك بعض المحاولات الفردية الجادة لكن لا ترقي و لا تقارب أبدا ما كان عليه الرسول صلى الله عليه و سلم مع أصحابه و لا سلفنا الصالح مع طلبتهم .
بالطبع أنت تتساءل الآن عن علاقة ما سبق برحلة السفر فأقول أيها العزيز أنني كنت قد اتخذت قرار الالتزام و نبذ أفكاري السابقة التي ليس لها علاقة بمراد الله مني و من البشر و قد عشت فترة من عمري أتقلب بين صفحات الكتب و الأفكار و الفلسفات فقد كانت هواية القراءة و المطالعة هي شغلي الشاغل فما وجدت في تلك الكتب ما يسد الرمق و لا يشبع حالة الجوع العاطفي التي كانت تنتابني حتى أبصرت الطريق . حينها أدركت أنه لا يوجد أشرف و لا أعظم من العمل و التضحية لدين الله و لا يعني هذا أبدا نبذ الدنيا وراء ظهورنا بل إن أسمى المطالب هو تطويع هذه الدنيا لخدمة الدين و لكن كيف ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!
إن المشكلة التي واجهتني بعد التخرج كانت الفارق بين ما أريده و بين الواقع فالواقع كان بالنسبة لي خريطة صغيرة فلما خرجت إلا هذا الواقع و أبصرته عن كثب و جدت أن الخريطة ليست أبدا هي المنطقة بل الآمر مخالف تماما فعندما تتخرج و تترك المرحلة الجامعية لتستقبل الميداني العملي للحياة تُلقى عليك مسئوليات و أعباء كثيرة فلم تعد ذلك الصبي الذي يبسط يده لوالده ليعطيه المصروف اليومي بل أنت الآن رجل مسئول تريد أن تبني مستقبلك بيدك و تحفر الطريق وحدك تريد أن تكون أسرة كبيرة و تريد أشياء كثيرة قد تصطدم مع أحلامك التي طالما عشتها حول العمل الدعوي و الاشتراك في حركة البعث التي طالما روادك في منامتك .
أرى أننا قد خرجنا عن الموضوع قليلا لذا فأننا نعود مرة أخرى لنستكمل الأحداث. لقد مررت أيها الحبيب بعدة المراحل بعد التخرج ففي المرحلة الأولى و التي تليت التخرج مباشرا كان شغلي الشاغل هو إنهاء مسألة الجيش و قد استغرق الأمر حوالي ثلاث شهور و لم يكن يجول في خاطري في تلك الفترة أي من الكلمات التي أرهقتك أيها القارئ العزيز بقراءتها في الفقرات السابقة . فلما انتهت تلك الفترة و حصلت على تأجيل من الجيش بفضل الله بدأت العمل بأحد الصيدليات الكبرى في مدينتي و كانت داخل الجامعة و هي تخدم في الأصل العاملين بالجامعة و قد يسر لي هذا المكان ممارسة أنشطتي الدعوية و لكني لم أحبه فأنا لا أستطيع الجلوس في مكان مغلق لفترات طويلة فهذا يصبيني بالملل و إن أشد الأعمال علي فعلا هي تلك المهنة و أنا حين اخترت كلية الصيدلة بعد أن عجزت عن الالتحاق بكلية الهندسة فوجدت أن كلية الصيدلة أقرب لقلبي من دراسة الطب الذي كان من الممكن أن ينغص علي حياتي لذا اخترت كلية الصيدلة و كانت عيني مسلطة على العمل كمندوب دعاية في شركات الأدوية و لما أطلقت لحيتي وجدت أن هذا الأمر تبخر تماما لأني كنت أعلم أن مسألة اللحية مرفوضة تماما في شركات الدواء لكن حدث ما لم أكن أتوقعه و كان هذا منعطف آخرفي حياتي فقد كان العمل في الصيدلية كفيلا بإصابتي باكتئاب و كنت بالفعل على حافة الانهيار فلا عائد مادي مرجو و لاأنا الشخص الملتزم الذي عرفته و اخترت أن أكونه قبل التخرج.
وإذا بمفاجأة جديدة لكن لهذا الأمر قصة مجالها في مرة قادمة أرجو أيها العزيزأن أراك حين أبدأ في سردها........
د.خالد الرفاعي
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع د.خالد الرفاعي المفضل
البحث عن المزيد من المشاركات المكتوبة بواسطة د.خالد الرفاعي