بداية مملة ..... لابد منها !! (1)
جئت للدنيا كما يأتي غالب الأطفال و كانت ولادتي طبيعية و الحمد لله بالطبع لا أتذكر الكثير عن تلك الحقبة لأني كنت صغيرا جدا !!!!!!!!!!
الحقيقة أنني حين قررت الكتابة عن فترة عملي خارج مصر تحيرت من أين أبدأ و قد وجدت أنه لابد للقارئ الكريم من أن يعيش التجربة كما عاشها صاحبها بالضبط لذا كان لابد من بداية قد تكون مملة قليلا لإعطاء الجميع خلفية عن مبرراتي للسفر في هذا الوقت و حتى يفهم كل من يطلع على تلك الكلمات تصرفاتي في العديد من المواقف و فلسفتي الخاصة للتعامل مع مسألة السفر لذا فأنني مضطر لأن أصحبك أيها الحبيب في رحلة سريعة لتتعرف على كاتب تلك الكلمات ، الحقيقة أنني نشأت في أسرة متوسطة عادية من أصل طيب فأبي – رحمه الله – كان محاسبا عمل فترة من عمره في الكويت و عاد إلى مصر بسبب حرب الخليج و التي حضرت أحدائها حيث أنني كنت في زيارة لوالدي في ذلك الوقت ربما أكتب ن تلك التجربة ذات يوما من الأيام ، أما أمي فهي مهندسة كهرباء و لي أخ يصغرني بعام واحد فقط و هو طبيب بيطري .
المهم و حتى لا نطيل النفس في هذا الأمر تلك كانت و لا تزال أسرتي و منذ صغري قرر والدي إلحاقي بمدارس اللغات فقد كانت في وقتها أفضل مدرسة في مدينة المنصورة , و لا أستطيع أن أنكر أبدا فضل والدي رحمه الله -بعد الله سبحانه و تعالى – علي في شد أزري و الحرص على دراستي و حبه الشديد لي و الذي سوف يتضح من خلال ما سوف أقصه عليكم و ربما لم أتفهم قسوته علي في كثير من الأحيان إلى بعد رحل عن الحياة رحمه الله . و قد دخلت المدرسة في فترة الحضانة طفلا صغيرا وغادرتها بعد انتهاء المرحلة الثانوية شابا يافعا ، ثم التحقت بكلية الصيدلة و التي سوف ندردش حولها قليلا . في الحقيقة أنني مثل المئات من أبناء وطني لم أختر مجال عملي لأني أحبه بل اخترته بسبب المجموع الذي حصلت عليه في الثانوية العامة علما بأنه كان يحق لي الالتحاق بكليات أخرى أحب إلى قلبي مثل كلية الهندسة فقد كنت و منذ صغري بارع للغاية و هذا من فضل الله علي في مادة الرياضيات و قد أشاد كل من درس لي تلك المادة بمستواي فيها و كنت بفضل الله قادر على حل أصعب المعادلات الرياضية لكن إرادة الله شاءت بعد مناقشات و مداولات كثيرة أن ألتحق بكلية الصيدلة و التي أقول لكم بكل صراحة أن مجال دراستها لم يستهويني كثيرا !!!!!!!!! .
المهم يا شباب أني أصبحت طالب في كلية الصيدلة و منذ اللحظات الأولى قررت أن أشترك في أنشطة الكلية حتى أفرغ الطاقة الداخلية الهائلة التي بداخلي فكنت عضو في اتحاد الطلبة و قمت بتنظيم العديد من الرحلات و حفلات الكلية و أنشطة أخرى كثيرة كنت كما يقول الشباب الآن عايش حياتي ثم حدث انقلاب هائل في حياتي ليس مجال تفصيله الآن لكن المحصلة النهائية أني أطلقت لحيتي و أصبحت لي اهتمامات أخرى ( و لا أريد الناس أن تفهم أن إطلاق اللحية كان هو التغيير فما اللحية إلا جزء من الدين بل كان التغيير و إن شئت قلت انقلاب في تصوراتي و أهدافي و طموحاتي ، انقلاب في كل شئ ) فقد اكتشفت فجأة أنني لست على الطريق و أن حياتي ليس لها معنى و أن حقيقة أسمها الموت لم ألقي لها بالا قط و أشياء أخرى لعلي أقصها لاحقا و كأنني الآن أبصر هذا الشاب الروش الذي دخل كلية الصيدلة ناقما عليها و قد قرر أن تكون رحلته معها عابثة فإذا به يخرج بغير الوجه الذي دخل به .
اللطيف في الأمر أني حصلت على تقدير جيد و هذا الأمر له قصة لطيفة ففي السنة الأولى حصلت على تقدير جيد و كان والدي في غاية الضيق فالمفترض أني كنت طالبا متفوق ثم حدث أنني لم أرى هذا التقدير مرة أخرى على دار الثلاث سنوات التالية بل كان تقديري هو المقبول المتعارف عليه فلما من الله علي بالهداية قررت أن أغير هذا الوضع و أن أحصل على تقدير في السنة الأخيرة و لا أخفيكم سرا أنه كان أمرا شاقا و لكني حصلت على تقدير جيد فكان مجموع التقديرات على مدار السنوات الخمسة جيد و لقد ضحكت كثيرا يوم النتيجة لما رأيته من ملامح الدهشة التي ارتسمت على وجوه الكثيرين و هم يطلعون على تقديري العام و الذي لم يكن متوقعا أبدا .
انتهت سنوات الكلية بحلوها و مرها و بقيت منها عشرات الذكريات و وجدت نفسي في مواجهة الحياة للمرة الأولى فبعد 18 عاما من الاعتماد على أسرتك تجد نفسك فجأة مطالب بأن تعمل و تتحمل مسئولية نفسك أضف إلى ذلك أن قررت أن ترسم خطا محددا في الحياة و أصبحت لك أهداف و طموحات كبرى و زينت وجهك لحية كثة و لم يكن الأمر سهلا بالمرة و كان علي أن اتخذ العديد من القرارات لكن هذا الأمر يحتاج لحديث آخر في وقت لاحق و قد أطلت النفس طويلا في تلك المقدمة التي قلت لكم أنها قد تكون مملة لكن لابد منها فإلى لقاء قريب .